responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 598
الْعِنَادِ فَلَا جَرَمَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ الْكُفْرِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: فِي تَفْسِيرِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ. أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَلِيلَ صِفَةُ الْمُؤْمِنِ، أَيْ لَا يُؤْمِنُ مِنْهُمْ إِلَّا الْقَلِيلُ عَنْ قَتَادَةَ وَالْأَصَمِّ وَأَبِي مُسْلِمٍ. وَثَانِيهَا: أَنَّهُ صِفَةُ الْإِيمَانِ، أَيْ لَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا بِقَلِيلٍ مِمَّا كُلِّفُوا بِهِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ، إِلَّا أَنَّهُمْ كانوا يكفرن بِالرُّسُلِ. وَثَالِثُهَا: مَعْنَاهُ لَا يُؤْمِنُونَ أَصْلًا لَا قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا كَمَا يُقَالُ: قَلِيلًا مَا يَفْعَلُ بِمَعْنَى لَا يَفْعَلُ الْبَتَّةَ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: تَقُولُ الْعَرَبُ: مَرَرْنَا بِأَرْضٍ قَلِيلًا مَا تُنْبِتُ، يريدون ولا تُنْبِتُ شَيْئًا. وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَوْلَى لِأَنَّهُ نَظِيرُ قَوْلِهِ: بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا [النِّسَاءِ: 155] وَلِأَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى إِذَا كَانَ الْمُصَرَّحُ فِيهَا ذِكْرُ الْقَوْمِ فَيَجِبُ أَنْ يَتَنَاوَلَ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْضَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي انْتِصَابِ «قَلِيلًا» وُجُوهٌ. أَحَدُهَا: فَإِيمَانًا قَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ «وَمَا» مَزِيدَةٌ وَهُوَ إِيمَانُهُمْ بِبَعْضِ الْكِتَابِ، وَثَانِيهَا: انْتَصَبَ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ بِقَلِيلٍ يُؤْمِنُونَ. وَثَالِثُهَا: فَصَارُوا قَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ.

[سورة البقرة (2) : آية 89]
وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (89)
/ اعْلَمْ أَنَّ هَذَا نَوْعٌ مِنْ قَبَائِحِ الْيَهُودِ. أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: كِتابٌ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ هُوَ الْقُرْآنُ لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الْكِتَابَ غَيْرُ مَا مَعَهُمْ وَمَا ذَاكَ إِلَّا الْقُرْآنُ. أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى:
مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: لَا شُبْهَةَ فِي أَنَّ الْقُرْآنَ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ فِي أَمْرٍ يَتَعَلَّقُ بتكليفهم بصديق مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النُّبُوَّةِ وَاللَّائِقُ بِذَلِكَ هُوَ كَوْنُهُ مُوَافِقًا لِمَا مَعَهُمْ فِي دَلَالَةِ نُبُوَّتِهِ إِذْ قَدْ عَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُوَافِقٍ لِمَا مَعَهُمْ فِي سَائِرِ الشَّرَائِعِ وَعَرَفْنَا أَنَّهُ لَمْ يَرِدِ الْمُوَافَقَةُ فِي بَابِ أَدِلَّةِ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ جَمِيعَ كُتُبِ اللَّهِ كَذَلِكَ وَلَمَّا بَطَلَ الْكُلُّ ثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ مُوَافَقَتُهُ لِكُتُبِهِمْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِالنُّبُوَّةِ وَمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا مِنَ الْعَلَامَاتِ وَالنُّعُوتِ وَالصِّفَاتِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قُرِئَ: مُصَدِّقًا عَلَى الْحَالِ، فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ جَازَ نَصْبُهَا عَنِ النَّكِرَةِ؟ قُلْنَا: إِذَا وُصِفَتِ النَّكِرَةُ تَخَصَّصَتْ فَصَحَّ انْتِصَابُ الْحَالِ عَنْهَا وَقَدْ وُصِفَ كِتابٌ بِقَوْلِهِ: مِنْ عِنْدِ اللَّهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: فِي جَوَابِ «لَمَّا» ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَحْذُوفٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ [الرَّعْدِ: 31] فَإِنَّ جَوَابَهُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ. لَكَانَ هَذَا الْقُرْآنُ، عَنِ الْأَخْفَشِ وَالزَّجَّاجِ، وَثَانِيهَا: أَنَّهُ عَلَى التَّكْرِيرِ لِطُولِ الْكَلَامِ وَالْجَوَابُ: كَفَرُوا به كقوله تعالى: أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ [الْمُؤْمِنُونَ: 35] عَنِ الْمُبَرِّدِ، وَثَالِثُهَا: أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ جَوَابًا لِلَمَّا الأولى وكَفَرُوا بِهِ جَوَابًا لِلَمًّا الثَّانِيَةِ وَهُوَ كَقَوْلِهِ: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ [البقرة: 38] [طه: 133] الْآيَةَ عَنِ الْفَرَّاءِ.
أَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَفِي سَبَبِ النُّزُولِ وُجُوهٌ. أَحَدُهَا: أَنَّ الْيَهُودَ مِنْ قَبْلِ مَبْعَثِ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَنُزُولِ الْقُرْآنِ كَانُوا يَسْتَفْتِحُونَ، أَيْ يَسْأَلُونَ الْفَتْحَ وَالنُّصْرَةَ وَكَانُوا يَقُولُونَ: اللَّهُمَّ افْتَحْ عَلَيْنَا وَانْصُرْنَا بِالنَّبِيِّ الْأُمِّيِّ. وَثَانِيهَا: كَانُوا يَقُولُونَ لِمُخَالِفِيهِمْ عِنْدَ الْقِتَالِ: هَذَا نَبِيٌّ قَدْ أَظَلَّ زَمَانُهُ يَنْصُرُنَا عَلَيْكُمْ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَثَالِثُهَا: كَانُوا يَسْأَلُونَ الْعَرَبَ عَنْ مَوْلِدِهِ وَيَصِفُونَهُ بِأَنَّهُ نَبِيٌّ مِنْ صِفَتِهِ كَذَا

نام کتاب : تفسير الرازي = مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير نویسنده : الرازي، فخر الدين    جلد : 3  صفحه : 598
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست